فيا أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن باب التوبة مفتوح من تاب, تاب الله عليه وقربه, ومن تبع هواه فلا يلومن إلا نفسه يقول الله جل وعلا: (( ومن اعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا ونحشره يوم القيامة أعمى قال ربي لم حشرتني أعمى وكنت بصيرا قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ))
فحيا على جنات عدن فإيها منازلنا وفيها المخيم وحيا على السوق الذي فيه يلتقوا المحبون ذاك السوق لقوم يعلموا فالله مافي حشوها من مسرة وأصناف لذات فيها يتنعموا ولله أفراح المحبين عندما يخاطبهم من فوقهم ويسلموا ولله أبصار ترى الله جهرتآ ترى الضيم يخشاها ولا هي تسأموا فصم ليومك الأدنى لعلك في غدآ تفوز بعيد الفطر والناس صوم وإن ضاقت عليك الدنيا باسرها ولم يكن فيها منزل لك يعلموا فحيا على جنات عدن فإنها منازلنا الأولى وفيها المخيم
وكان أبوذر رضي الله عنه يقول: أيها الناس أني لكم ناصح وأني عليكم شفيق صلوا في ظلمة الليل لوحشة القبور وصوموا في الدنيا لحشر يوم النشور, تصدقوا مخافة يوم العسير ),,,,,, وكان الأسود بن يزيد يكثر الصوم حتى ذهبت أحدى عينيه من ذلك, فإذا قيل له لما تعذب جسدك كان يقول إنما أريد راحته, ,,,,, لما حضر الموت عامر بن عبدقيس جعل يبكي فقيل مايبكيك قال ماأبكي جزع من الموت ولا حرصآ على الدنيا ولكن أبكي على ظمأ الهواجر وعلى قيام الليل في الشتاء,,,,,, وحضرت الوفاة أحد الصالحين فجزع جزعآ شديدآ وبكى بكاء شديدآ, فقيل له في ذلك فقال: ماابكي إلا على أن يصوم الصائمين لله ولست فيهم, ويصلي المصلون لله ولست فيهم , ويذكره الذاكرون ولست فيهم فذالك الذي أبكاني, ,,,,,,, ودعا قوم رجل إلى طعام فقال إني صائم فقالوا: أفطر اليوم وصم غدا فقال: من يضمن لي أن أدرك غدا,,,,,,,, كان علي رضي الله عنه يقول ألا أن الصيام ليس من الطعام والشراب ولكن من الكذب واللغو الباطل, ,,,,, وقال جابر بن عبدالله: ( إذا صمت فليصم سمعك وبصرك ولسانك من الكذب والمحارم, ودعا ذى الخادم وليكن عليك وقار سكينة يوم صيامك ,,,,,, ولقد روي الإمام أحمد في مسنده عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: كم من صائم ليس له من صيامه إلا الجوع وكم من قائم ليس له من قيامه إلا السهر)),,,,,, خرجه البخاري من حديث أبوهريرة رضي الله عنه مرفوعآ(( من لم يدع قول الزور والعمل به فليس لله حاجة في أن يدع طعامه وشرابه )),,,,
معاشر المؤمنين يستحب للصائم الإكثار من العبادات في هذا الشهر الكريم, فإنه موسم فاضل, ,,, قال ابن القيم غفر الله له: ( وكان من هديه صلى الله عليه وسلم في شهر رمضان الإكثار من أنواع العبادات, فكان جبريل يدارسه القرآن في رمضان, وكان إذا لقيه جبريل أجود بالخيل المرسلة, وكان أجود الناس وأجود مايكون في رمضان يكثر فيه من الصدقة والإحسان وتلاوة القرآن والصلاة والذكر والإعتكاف, صلوات الله عليه وسلامه عليه ماتعاقب الليل والنهار,,,,, اللهم نسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل, ونعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين من كل ذنب فاستغفروه أنه هو الغفور الرحيم
الخطبة الثانية:
الحمدلله رب العالمين ولا عدوان إلا على الضالمين واشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له واشهد أن محمد عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وآله وصحبه أجمعين أما بعد: لقد جاءت النصوص في فضل الصيام وعظم أجر أهله فمن ذلك,,,, أن الله خص الصائمين باب من أبواب الجنة لا يدخل منه غيرهم, ولقد خرج الشيخان في صحيحهما من حديث سهل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (( أن في الجنة باب يقال له الريان يدخل فيه الصائمون يوم القيامة, لايدخل منه أحد غيرهم, يقال أين الصائمون فيقومون فلا يدخله أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد)),,,,, وزاد النسلئي في آخره (( ومن دخل فيه شرب ومن شرب لم يضمأ أبدا )),,,, ومن فضائل أن الصوم جنة من الشهوات لقول النبي صلى الله عليه وسلم
( من استطاع منكم الباء فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء )) متفق عليه,,,, ومنها أن الصوم جنة من النار لقوله صلى الله عليه وسلم: (( قال ربنا عزوجل الصيام جنة يستجن بها العبد من النار وهو لي وانا أجزي به ))قال المنذري رواه أحمد بإسناد حسن ,,,,,, وقال صلى الله عليه وسلم: (( من صام يومآ في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفآ )) خرجاه في الصحيحين,,,,, ومنها أن الصوم سبيل إلى الجنة لحديث جابر رضي الله عنه
( أن رجلآ سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: رأيت إذا صليت الصلوات المكتوبات وصمت رمضان وأحللت الحلال وحرمت الحرام ولم أزد على ذلك أأدخل الجنة, قال: نعم, فقال فوالله لا أزد على ذلك شيئآ )) خرجه مسلم,,,, ومنها أن الصوم يشفع لصاحبه يوم القيامة لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (( الصيام والقرآن يشفعان عن العبد يوم القيامة , يقول الصيام أي ربي منعته الطعام والشهوات في النهار فشفعني فيه ويقول القرآن منعته النوم بالليل فشفعني فيه فيشفعان )) خرجه الإمام أحمد,,,,,,, ومنها أن أجر الصائم بغير حساب وخلوف فمه أطيب عند الله من ريح المسك لقوله صلى الله عليه وسلم: (( قال الله عزوجل كل عمل ابن آدم له إلا الصيام فإنه لي وأنا أجزي به والصيام جنة وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يسخط فإن سابه أحد أو قاتله فليقل أني أمرئ صائم والذي نفس محمد بيده لخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك للصائم فرحتان يفرحهما, إذا أفطر فرح وإذا لقي ربه فرح بصومه )) متفق عليه,,,, ومنها أن الصوم كفارة للذنوب لقوله صلى الله عليه وسلم: (( فتنة الرجل في أهله وماله وجاره يكفرها الصلاة والصيام والصدقة )) متفق عليه,,,, وفي صحيح مسلم مرفوعآ
( الصلوات الخمس والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان مكفرات لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر)),,,, فالله الحمد والمنة.
أما شهر رمضان فله فضائل كثيرة ولله الحمد,,,, منها أنه شهر القرآن فإنه أنزل فيه كما قال ربنا جل وعلا
( شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان )),,,,, ومنه فتح أبواب الجنان وغلق أبواب النيران وتصفيد الشياطين كل ذلك في هذا الشهر المبارك, قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (( إذا دخل رمضان فتحت أبواب السماء وفي رواية(فتحت أبواب الجنة) وفي أخرى(أبواب الرحمة) وغلقت أبواب جهنم وسلسلة الشياطين )) خرجه الإمام مسلم,,,,,, وعند الترمذي وينادي منادي ياباغي الخير أقبل وياباغي الشر أقصر )) ,,,,, ولله عتقاء من النار وذلك في كل ليلة,,,, ومنها أن فيه هي ليلة خير من ألف شهر يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم
( أتاكم شهر رمضان مبارك, فرض الله عليكم صيامه, تفتح أبواب السماء وتغلق فيه أبواب الجحيم وتغل فيه مردة الشياطين, فيه ليلة خير من ألف شهر من حرم خيرها قد حرم )) خرجه الإمام أحمد في مسندة,,,,,, ومنها غفران الذنوب لقوله صلى الله عليه وسلم
( من صام رمضان إيمانآ واحتسابآ غفر له ما تقدم من ذنبه )) متفق عليه,,,,,, وقال صلى الله عليه وسلم
( رغم أنف رجل ذكرت عنده ولم يصلي علي, ورغم أنف رجل دخل عليه رمضان ثم إنسلخ قبل أن يغفر له )) خرجه الإمام الترمذي,,,,,, ومن فضائله العتق من النيران أجارنا الله منها لقوله صلى الله عليه وسلم
( إن لله عند كل فطر عتقاء, وذلك في كل ليلة )) رواه ابن ماجه,,,,,,,
ياأمة محمد صلى الله عليه وسلم أن من الذنوب العظام الفطر في رمضان بدون عذر فإنه من كبائر الذنوب وصاحبه متوعد بالعذاب الأليم قال أبو أمامه رضي الله عنه
سمعت رسول الله عليه وسلم يقول
( بينما أنا نائم أتاني رجلان فأخذا بضبعي(أي عضدي) فأتا بي جبل وعر فقالا إصعد حتى إذا كنت في سواء الجبل فإذا بي بصوت شديد فقلت: ماهذه الأصوات قالوا هذا عواء أهل النار ثم انطلقا بي فإذا بقوم معلقين بعراقيبهم مششقت اشداقهم(الشدق جانب الفم) تسيل اشداقهم دمآ قلت من هؤلاء قيل هؤلاء الذين يفطرون قبل تحلت صومهم )) رواه النسائي في الكبرى والحاكم وهو في الصحيح المسند للعلامة مقبل الوادعي.
اللهم ياحي ياقيوم ياذي الجلال والإكرام, اللهم إنا نسألك بأنك أنته الله لا إله إلا أنت الأحد الصمد لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوآ أحد,,, اللهم بلغنا شهر رمضان وأعنا على صيامه وقيامه إيمانآ واحتسابآ,,, اللهم بلغنا شهر رمضان وأعنا على صيامه وقيامه إيمانآ واحتسابآ,,, ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار,,,, اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين ودمر أعداء الدين واجعل هذا البلد آمنآ مطمأنآ وسائر بلاد المسلمين,,,, اللهم آمنا في دورنا وأصلح ولاة أمورنا واجعل ولا يتنا في من خافك واتقاك واتبع رضاك يارب العالمين,,,, ربنا اغفر لنا ولوالدينا يوم يقوم الحساب,,, ربنا اغفر لنا ولإخوانا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلآ للذين آمنوا,,,, ربنا إنك رؤوف رحيم,,,, اللهم صلي وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين
خطبة مفرغة لفضيلة الشيخ سلطان العيد حفظه الله